أسلوب حياة

خلف كواليس أكتوبر الزهريّ – مسيرة نانسي عوّاد

لا شيء يمكنه أن يمنع المرأة من تحقيق أهدافها، وها نانسي عوّاد مثالًا عن رغبة السيّدة بالنجاح والتألّق. بعد بناء مسيرة مهنيّة ملحوظة كمستشارة خبيرة للهجرة الكنديّة، خاضت معركتها مع سرطان الثدي. غير أنّ الأمر لم يوقفها من النهوض من جديد واستكشاف وجهًا جديدًا للحياة من خلال تأسيس علامة المجوهرات “Penelope Made This” برفقة ابنتها.

ومن أجل تكريم البطلات مثلها، تطلق أزياء مود سلسلة مقابلات مع نساء تحلّين بالقوّة بقدرها. صاحبة مسيرة ملهمة، ستتشاركها معنا بالإضافة إلى البعض من الأفكار التي ستجعل من الأسهل بعض الشيء خوض أمرًا مماثلًا أو مشاهدة من نحبّ بوجه هذا التحدّي.

ما هي البعض من أهمّ الدروس أو الرؤى التي اكتسبتها في خلال مسيرتك في محاربة سرطان الثدي؟

اكتشفت أهميّة حبّ النفس قبل نقل هذا الحبّ إلى الآخرين. وتعلّمت إعطاء الأولويّة لصحّتي من خلال رفض كلّ ما يمكنه أن يؤخّرني وقبول كلّ ما يسمح لي بالتقدّم.

كيف استطعت الحفاظ على نظرة إيجابيّة ومثابرة عقليّة في خلال فترة العلاج والتعافي؟

في الحقيقة، كانت مسيرة مليئة جدًّا بالتحديات. في البدء، غمرني الشعور بالصدمة والرفض. وبعد خضوعي للعمليّة الجراحيّة، قاومت البدء بعلاجاتي الأخرى لكثرة الأعراض الجانبيّة التي تنتج عنها. وعند ملاحظة خوفي، اقترح طبيب الأورام الذي يتابعني أن ألجأ إلى العلاج النفسيّ. وفي خلال جلساتي مع المعالج النفسيّ، تكلّمت بشكلٍ رئيسيّ على أولادي وحياتي اليوميّة وغيرها من الأمور التي تبدو تافهة ولكن استوقفتني. وببساطة، عند مشاركتي هذه الأفكار مع أحد لاحظت أنّ أكبر مخاوفي يدور حول خسارة وقت ثمين مع أحبّائي. وتدريجيًّا، تحوّل بدء العلاج من أمر مروّع إلى ضرورة من أجل التغلّب على خوفي من الموت والحرص على تمكّني من رؤية أولادي يكبرون.

كامرأة عاملة، كيف أثّرت محاربتك على مسيرتك المهنيّة؟   

عندما رُزقت بولدي الثاني، كنت قد سلكت طريق التوظيف الذاتيّ، وهو قرار اتّخذته قبل فترة طويلة لخلق توازن دقيق بين عملي والاستفادة من مهاراتي وتلبية حاجات أولادي بينما نقدّر وقتنا معًا.

عندما وصلني خبر رصد خلل في نتائج الرنين المغناطيسيّ، الأمر الذي تطلّب مزيد من التحقيق، قرّرت أخذ إذن غياب لمدّة سنتين من عملي كمستشارة هجرة إلى كندا. ومن أجل محاولة تشتيت انتباهي عن المرض المحتمل، انخرطت في بعض أعمال الاستشارة الإداريّة لخلق تغيير. غير أنّ بعد العمليّة الجراحيّة توجّب عليّ أن أتخلّى عن ذلك العمل بسبب حركتي المحدودة وعدم تحمّلي لحرارة دبي عند العمل في الميدان. وحينها قرّرت إعادة توجيه جهودي نحو مشروع صغير كانت ابنتي البالغة من العمر 10 سنوات حينها متحمّسة لاستكشافه.

وبإعادة النظر إلى مسيرتي، يمكنني أن أؤكّد بكلّ ثقة أنّ التغيير بالانتباه هذا والعمل إلى جانب ابنتي بينيلوبي في عملها بصناعة الحلي غيّر حياتي. فقد وجدت طريقة جديدة لأتخلّى فيها عن استيائي وغضبي، الأمر الذي أدّى في نهاية المطاف إلى تأسيس “Penelope Made This” وهي تجارة مزدهرة نفتخر جدًّا بها.

كيف تغيّر أسلوب حياتك – كنظامك الغذائيّ وممارستك للرياضة – منذ تشخيصك، وهل برأيك أثّرت التغييرات هذه على شفائك؟

لطالما حرصت على الحفاظ على نظام غذائيّ صحّي فأحضّر وجباتي باستخدام المكوّنات الأقلّ سميّة (بقدر معرفتي).

غير أنّ دعينني أقول لك أنّ ممارسة التمارين لم تكن ضمن خياراتي لفترة. توجّب عليّ الانتظار بكلّ صبر أن تشفى جروحي قبل القيام بأيّ نشاط بدنيّ. إضافةً إلى ذلك، أوصيت ألا أحمل أغراضًا ثقيلة باليد التي تمّت إزالة الغدد الليمفاويّة منها. فضلًا عن ذلك، كنت كلّما أتعرّق أكثر تنقشر بشرتي أكثر نتيجةً لتأثيرات العلاج بالأشعّة.

ونتيجةً للمحدوديّة بالحركة هذه، مع علاج السرطان الهرمونيّ، اكتسبت الوزن وبدأت بالبحث عن حلول بديلة. استكشفت عدّة حلول كاعتماد حمية كيتو والحصول على تدليك ليمفاويّ وتجربة تقنيّات تجديد البشرة، وساهمت كلّ منها بمساعدتي على استعادة شكلي السابق.

ويسرّني القول أنّ من 6 أشهر، استعدت السيطرة على الوزن الذي اكتسبته. فقد بدأت جهودي التي بذلتها للانتباه إلى حميتي وإضافة امزيد من النشاطات إلى روتيني اليوميّ بإعطاء نتائج إجابيّة.

بماذا تنصحين أفراد العائلة والأصدقاء الذين يريدون دعم شخص عزيز مصاب بسرطان الثدي؟

أنصحهم بالاستماع بحذر إلى الشخص وانتظار توجيهاته لمعرفة كيف يمكن مساعدته.

وبدلًا من طمأنته فورًا أنّ كلّ شيء سيكون على ما يرام، والاستخفاف بقلقه، من المفضّل إدراك خوفه وفسح المجال له للتعبير عن مخاوفه. ومن الأفضل عدم السماح لمخاوفكم بالظهور إذ يحتاج الشخص إلى دعمكم بدلًا من الانشغال بطمأنتكم بدوره. وعليكم إخباره أنّكم ستدعمونه وأولاده في خلال مسيرته نحو الشفاء حتى أمام التحدّيات والانتكاسات. طمئنوه أنّكم ستبقون أقوياء ومتمكّنين وستساعدونه حتى يستعيد السيطرة الكاملة على صحّته. 

ومن تجربتي الخاصّة، لم أتشارك تشخيصي مع أحد، حتى أفراد عائلتي، حتى قبل يومين من عمليّتي. وقمت بذلك لأنّني لم أرد أن أرى القلق والحزن في عيونهم ولم يكن لديّ الوقت أو القوّة لطمأنتهم أنّني اخترت المسار الصحيح للشفاء.   

هل يمكنك ذكر أيّ جهود للتوعية أو المناصرة تشاركين بها بعد أن أصبحت ناجية من سرطان الثدي؟

من المرجّح أنّ هذه المرّة الثانية التي أتحدّث بها علنًا عن تجربتي بالتغلّب على السرطان في مكان عام. بصراحة لم أحبّ يومًا كلمة "ناجية" لأنّها لا تنجح بعكس عمق المسيرة وتعقيدها. فقط من يسيرون الطريق نفسه يفهمون بحقّ معناه وما الشعور الذي يولّده.

غير أنّني تلقّيت إطراءات كثيرة من ناس جدد كثيرون التقيت بهم لقدرتي على قيادة حياة جميلة بعد استيقاظي من العمليّة الجراحيّة وأنا أبتسم وأنضح بطاقة إيجابيّة. فقد ألهمتهم بطريقة مواجهتي للتحدّيات التي وضعتها الحياة أمامي بلطف وكرم. ولمسني جدًّا تقديرهم لمثابرتي وألهمني لأردّ الجميل بصورة يوميّة لناس عشوائيين يحتاجون للانتباه والمساعدة مثل مريضي السرطان.

 

مقالة من كتابة ميرلّا حدّاد



شارك المقال