أسلوب حياة

خلف كواليس أكتوبر الزهريّ – مسيرة ميادة باحارث

صورة الغلاف من حملة مجموعة شركات إستي لودر لمحاربة سرطان الثدي

ولدت ونشأت واستقرّت في المملكة العربيّة السعوديّة، إنّ ميادة باحارث هي أمّ فخورة لثلاثة أولاد، تتولّى إدارة عقارات عائلتها اليوم في جدّة. امرأةً قويّةً بكلّ ما للكلمة من معنى، استكشفت قوّتها من خلال تجربة مرّت بها نساء كثيرات، محاربةً سرطان الثدي.

أقوى الآن من أيّ وقت سابق، تتشارك مسيرتها الفريدة والمليئة بالتحدّيات معنا في أزياء مود ومع قرّائنا، وتعطي فكرة ونصائح لكلّ شخص يمرّ بتجربة مماثلة وتلهم من يحتاج.

هل يمكنك أن تتشاركي معنا ردّ فعلك الأوليّ ومشاعرك عندما علمت بتشخيصك بسرطان الثدي؟

عندما سمعت الخبر، أوشكت على الإغماء. بطبيعتي أنا إنسانة روحيّة وبدأت بتلاوة آية من القرآن لم أكن أدرك أنّني أحفظها. كانت أشبه بشيء في عقلي. وبعد ذلك، شعرت بالسكينة. وامتلأت بالهدوء والحبّ والسكينة ورحت أفكّر بالخطّة التي سأتبعها في المسيرة التي أوشك أن أستهلّها.

ما هي البعض من أهمّ القرارات التي توجّب عليك اتّخاذها لخطّة علاجك، وكيف كانت مقاربتك لاتّخاذها؟

من دون تردّد، قرّرت السفر. لا يتعلّق الأمر بعدم توفّر مصداقيّة في بلدنا؛ بالعكس ثمّة الكثير، لكن لم أكن أعرف أيّ طبيب أورام. في ذلك الوقت، كنت أعرف 4 أشخاص يتعالجون أو تعالجوا على يد طبيب مشهور في باريس، لذا تذكّرت اسمه فورًا وقرّرت الخضوع للعلاج في باريس وبدأت اتّصالاتي تحضيرًا للمسيرة.  

هل يمكنك التكلّم على شبكة الدعم التي أحاطتك في خلال مسيرتك وكيف أثّرت على تجربتك؟

الدعم مهمّ جدًّا لمريض سرطان، فهو في حالة صدمة نفسيّة. كان دعم عائلتي ممتازًا، فكانت أختي ترافقني في كلّ موعد وولداي قد دعماني كثيرًا فكانا أشبه بمساعديني الطبيين. كانت مهمتهما تفقّد نتائجي الطبيّة ومواعيدي مع الطبيب والاهتمام بكلّ شيء من أجلي. وكانا يكتبان لي كلّ أوقات مواعيدي ويتّصلان لتذكيري بفحوصات الدمّ. وكانا يهتمّان أيضًا بالقسم اللوجيستيّ عند تحضير أيّ شيء. وكانا يقومان بذلك بامتياز فشكّل ذلك جزءًا كبيرًا من علاجي. وأنشأ ابناي وأخي مجموعة بينهم حتى للاهتمام بالتخطيط وما يجب فعله... اهتمّوا بكلّ شيء وكان هذا مهمًّا جدًّا. إضافةً إلى ذلك، ساعدني كثيرًا الحصول على مساعدة نفسيّة من أخصّائي.

يجد الكثير من الأشخاص القوّة والإلهام بطرق مختلفة في الأوقات الصعبة. هل يمكنك مشاركة مصادرك معنا أو استراتيجيات تأقلمك التي ساعدتك في خلال مسيرة محاربتك لسرطان الثدي؟

في الحقيقة، عندما أنهيت علاجي وعدت إلى المنزل، عانيت من اضطرابات الإجهاد اللاحق للصدمات وطلب منّي أولادي اللجوء إلى المساعدة المحترفة وقاموا بأخذ موعدين من أجلي مع مختصّين وقمت بإلغائهما. عادةً ما يخاف المريض من الأمور هذه. أخيرًا ذهبت عند الطبيب وكانت الجلسات منيرة جدًّا فوضّحت بعض أفكاري. بالإضافة إلى ذلك، أثناء تلقّيّ علاجي، اشترت لي إحدى صديقاتي درسًا على الانترنت عن التأمّل وكيفيّة التعامل مع التوتّر وكان رائعًا لأنّني أدركت أنّ الخوف فكرة وإحساس وليس واقعًا، ونحن ضحيّة أفكارنا – الأمر الذي أراحني. وعندها أدركت أيضًا أنّ عليّ الاهتمام بنفسي قبل أيّ شيء. ساعدتني القراءة على التأقلم أيضًا مع الحقيقة هذه والاستماع إلى القرآن واختيار هوايات مثل تركيب الأحاجي. وكنت أقوم بذلك طوال الوقت لأنّه يشغل بالي. وكنت أيضًا لاعبة ورق وذكّرني أحد الأصحاب بذلك وكنت بحاجة إلى التذكير هذا بلعبة كنت ألعبها من 20 سنة. فبدأت بلعبها من جديد وما زلت ألعبها حتى الآن. على المريض أن يفكّر بنفسه. وإنّ التعامل مع أفكارك الخاصّة تحدّي كبير، وتحويلها إلى أفكار إيجابيّة كذلك أيضًا. اعتدت تخيّل نفسي في أماكن تعجبني مع ناس أحبّها وأبتكر واقعًا أحبّه.     

إنّ علاج سرطان الثدي صعب جسديًّا ونفسيًّا. كيف استطعت التعامل مع الآثار الجانبيّة والحفاظ على عافيتك في خلال هذا الوقت؟

من حيث العلاج، خضعت لعلاج كيميائي وأجريت استئصال للثديين. لم تؤثّر عليّ أيّ من الأجزاء الجسديّة التي فقدتها لأنّها جسديّة، ليست جزءًا من روحي. لم تؤخذ روحي، فقط جزءًا منّي. حتى خسارة شعري لم تكن مشكلة، وفي الحقيقة نما من جديد بطريقة أجمل. وكنت أرتدي وشاحًا أو قبّعة وكان الناس يقولون أنّني أنيقة. وكنت أستشير طبيب جلد في الوقت نفسه لأنّني أردت الاعتناء بنفسي وشعري عندما ينمو من جديد. وأردت الاعتناء بأظافري لأنّ علاجي الكيميائيّ جعلها أدكن فأردت معرفة أيّ فيتامينات عليّ تناولها.

بينما تعيدين النظر إلى مسيرتك، هل من أفكار أو نصائح تحبّين تشاركها مع من قد يواجهون تشخيصًا بسرطان الثدي أو يخوضون العلاج؟

يأتي السرطان مع درس، ودرسي كان أن أعيد تقييم حياتي وترتيب أولويّاتي. يقرّب المريض من الله مهما كانت ديانته. شعرت أنّني حصلت على نعمة وأنّ هذه فرصتي لإعادة ترتيب أولويّاتي. أهتمّ بنفسي وبكوني امرأة وخوضي استئصال للثديين لا يجعلني أقلّ أنوثةً فأنا أتّكل على شخصيّتي لأكون امرأة وليس على جسدي. لست ممّن يعتمدن على شكلهنّ لأنّني أنا أرتدي الفستان وليس هو من يرتديني. لا تحدّد حقيبة اليد من أنا بل أنا أعرّفها. والآن بعد أن أصبحت أكبر سنًّا أصبحت أقوى. وأنا أقوى لخوضي هذه التجربة. الحياة تتغيّر في لمح البصر.   

كنصيحة، أريد أن أقول للمريض المصاب بسرطان ألا يستمع إلى أحد غير الأطبّاء. فكما ذكرت في خطّتي، على الشخص اختيار الطبيب والحفاظ على قراره. لا تستمعوا إلى أيّ أحد آخر. أؤمن بالعلم وأؤمن بالطبّ. وأقول له أيضًا أن يضع خطّة علاج ويلتزم بها. ابتعد عن الأشخاص السّلبيّين والتوتّر، إذ إنّ ذلك مهم جدًّا لمريض السرطان.

مقالة من كتابة ميرلّا حدّاد



شارك المقال