أسلوب حياة

خلف كواليس أكتوبر الزهريّ – مسيرة ليلى عجم

بعد أن أخبرت قصّتها على التلفاز أوّلًا، أصبحت ليلى عجم من أولى النساء لتخبر قصّتها عن محاربة سرطان الثدي علنًا في لبنان. وبعد ذلك، اخذت على عاتقها نشر التوعية أكان من خلال أنشطة خيريّة أو أسلوب الحياة الصحّي بالكامل الذي تتّبعه. ولم تخُض الحرب هذه مرّة بل مرّتين – فأثبتت أنّ الإرادة هي إحدى أقوى الأسلحة للعيش والحفاظ على الصحة.

تستمرّ سلسلتنا بمناسبة شهر أكتوبر الزهريّ مع القصّة الملهمة هذه، إذ تسنّى لنا إجراء محادثة مع هذه المرأة القويّة.

هل يمكنك أن تخبرينا عن مسيرتك وتجربتك في محاربة سرطان الثدي؟

عشت في أمريكا طوال الست وأربعين سنة الماضية، وتحديدًا في لوس أنجلوس، كاليفورنيا. وفي ذلك الوقت، كان كلّ ما هو عضويّ رائج. لذا اعتدت أن أتناول منتوجات عضويّة وأن أعيش في مقاطعة أورنج حيث كلّ شيء نظيف والطقس رائع. اعتدت دائمًا أن أقوم بالفحوصات وإجراء التصوير الشعاعي للثدي والأشعّة فوق الصوتيّة، واعتادت الولاية أن ترسل لنا تذكيرًا لإجراء الفحوصات هذه عبر البريد. لذا، اعتدت أن أقوم بالفحوصات هذه سنويًّا وأتناول الطعام الصحيّ وأركض وأعيش في بلد نظيف. ثمّ، عدنا إلى لبنان لأنّ الوضع كان قد تحسّن واستمرّيت بإجراء الفحوصات هذه نفسها واعتماد أسلوب الحياة نفسه. اعتدت حتى أن أحجز رحلة عافية لأنظّف جسمي، وفي عائلتي لم يكن السرطان وراثيًّا. لذا ذهبت لأقوم باختباراتي السنويّة وعندما كان يقوم التقنيّ بالتصوير الشعاعيّ للثدي لاحظ أمرًا غير طبيعيًّا. وبما أنّ عمله لا يخوّله أن يقول لي ما رآه، ذهبت عند الطبيب النسائيّ الذي يتابعني للحصول على النتائج وأخبرني أنّني مصابة بسرطان الثدي. تفاجأت كثيرًا مع الأخذ بالاعتبار كم أهتمّ بنفسي وكم أحافظ على صحّتي. وبهذه الطريقة تمّ تشخيصي بسرطان الثدي وكان في المرحلة الثالثة. تعالجت وتمّ تشخيصي مجدّدًا بسرطان الثدي بعد 15 سنة. وكان علاجي دواءً اعتدت أن آخذه وعادةً ما يوصف لمرضى السرطان لمدّة 5 أو 7 أو 10 سنوات. وسبّب لي أوجاعًا في العظم، وبعد 5 سنوات من تناوله لم أعد أستطِع التحمّل فأخبرني أطبّائي في لبنان وأمريكا أنّ بإمكاني التوقّف. وكانت الخمسة عشر سنة التالية رائعة، وعندما تفّشى فيروس كورونا، لم أقم بفحوصاتي لأنّنا لم نتمكّن من السفر إلى أمريكا وفي لبنان لم تفضّل المستشفيات إجراء هذا النوع من الاختبارات بسبب الوضع. وفور ما تمّ السماح لي بإجرائها، قمت بها – لكن ليس لأنّني كنت أشعر بالألم أو أيّ خطب. حينها أخبرني الطبيب أنّه لاحظ شيئًا. وعندها أخبرونني أنّني مصابة بالسرطان من جديد فاضطررنا إلى إجراء عمليّة استئصال الثدي. كنت قد أزلت جزءًا منه بالفعل وكنت أتأقلم مع الفكرة، لكن هذه المرّة أخبرني الجرّاح أنّ علينا إزالة الثدي بالكامل. وقبل يومين من عمليّتي، اتّخذت قرار إزالة الثديين معًا. ولأنّ صورة الرنين المغناطيسيّ كانت نظيفة، لم يغطّي التأمين استئصال الثدي الثاني لكنّني أصرّيت على إزالته على نفقتي الخاصّة. وبعد أسبوعين من عمليّتي، ذهبت ليفحصني طبيبي وأخبرني أنّه عندما كان يزيل ثديي الثاني، لاحظ أنّه كان قد بدأ يصاب بالسرطان ولأنّ الخلايا السرطانيّة كانت صغيرة جدًّا لم تظهر في الصورة.       

ما هي البعض من أكبر التحدّيات التي واجهتها في خلال تلقّيك العلاج؟

من أكبر التحدّيات كان الألم، والأدوية التي تغيّر جسمك وهرموناتك، والتقلّبات المزاجيّة... أحيانًا كنت أستيقظ وأريد البكاء وعدم مقابلة أحد... وحتى تقبّل نفسي كمريضة كان بمثابة تحدّ. عانيت كثيرًا. عندما مرضت أوّل مرّة من 15 سنة لم يكن أحد يتكلّم على السرطان. وتعاملت مع طريقة نظر الناس إليّ... أحيانًا عندما كنت في المصعد لم يكن يريد أحد مرافقتي لأنّهم كانوا يعتقدون أنّه معدي. وكان الناس يشيرون إليّ ويغتابونني سرًّا.

كيف تغيّرت نظرتك للحياة نتيجة محاربتك سرطان الثدي؟

كنت بالأساس شخصًا يحبّ الحياة، والآن أحبّها أكثر بعد. أخرج وأستمتع بوقتي بقدر إمكاني. وأساعد أيضًا الكثير من الناس، وعلى الرغم من أنّ رؤيتهم مريضين ومحتاجين يحزنني، أشعر أيضًا بالرضى والسعادة لمساعدتهم. فعندما أساعدهم وأرى البسمة على وجوههم أشعر بالسعادة والرضى.

ما الدعم الذي حصلت عليه من أصدقائك وعائلتك والخبراء الطبّيين في خلال مسيرتك؟

أنا محظوظة لحصولي على أطبّاء جيّدين وعائلة رائعة وأصدقاء مذهلين. فكلّما كان يسمع أصدقائي عن نوع مفيد من الخضار أو علاجات طبيعيّة كانوا يتشاركون المعلومات معي ويرسلونها لي. وكانوا ينظرون إليّ بطريقة جيّدة. في المرض، حتى وإن بعض الناس لم يكونوا أصدقاءك، يتمنّون لك الصحة الجيّدة. كانوا كلّهم من أكبر داعميني. ولهذا السبب تمامًا أظنّ أنّ عندما يكون الشخص مريضًا لا يجب أن يخفي ذلك. يجب تقبّل المساعدة التي يقدّمها الآخرون والأفكار الإيجابيّة التي يتشاركونها. فعند المرض يصبح الشخص كالطفل الذي يتلقّى الحبّ والاهتمام مِن مَن حوله. مثلًا، في أمريكا، يدفع المرضى الأموال ليحيط بهم ناس يشجعونهم ويهتمّون بهم. حتى وإن لم يكن باستطاعة الشخص زيارة المريض، يمكنه أن يرسل له رسالة أو باقة ورد أو القيام بلفتة تظهر له اهتمامه وأنّه يفكّر به.  

هل من استراتيجيّات أو أنشطة تأقلم معيّنة ساعدتك للحفاظ على عقليّة إيجابيّة أثناء تعالجك؟

أوّلًا، كنت محاطة بأشخاص لم يشعرونني أنّني مريضة وساعدني الأمر كثيرًا. اعتدت أن أنسّق أوشحتي على رأسي وأطبّق مكياجي كالعادة. وبعد مقابلتي أشخاصًا يغتابونني سرًّا، كنت أعود إلى المنزل وأخبر زوجي أنّ ما أمرّ به مؤقّت وأنّني سأشفى، فماذا عن الذين لا يستطيعون التخلّص من سلبيّتهم؟

هل يمكنك تقديم نصيحة للأشخاص الذين يحاربون سرطان الثدي حاليًّا أو تخطّوه مؤخّرًا؟

أوّل نصيحة أقدّمها لكلّ امرأة هي أن تقود حياةً صحيّة وتقوم بالفحوصات السنويّة حتى وإن لم تكن تشعر بأيّ ألم أو تلاحظ أيّ اختلالات. إذا كنت تحاربين سرطان الثدي، تذكّري دائمًا أنّ المرحلة هذه مؤقتة وستشفين. تجنّبي الأفكار السلبيّة. لكلّ مريض سرطان حالته الخاصّة وحالتك ليست بالضرورة شبيهة لحالة غيرك. وفي نهاية المطاف، كل شيء سيحدث بحسب مشيئة الله، لكن يمكننا بذل أقصى جهدنا. استمعي إلى أطبّائك واتّبعي إرشاداتهم. يجب أن تشعري بالراحة أيضًا مع أطبّائك وتحبّين التعامل معهم. أمّا بالنسبة للذين يحيطون بالشخص المريض، حاولوا أن تخفّفوا من عبئه بقدر استطاعتكم.

مقالة من كتابة ميرلّا حدّاد 



شارك المقال