أسلوب حياة

مقابلة مع كارولين طوربيه، كاتبة “Éclat d’Une Vie”

ابنة لوالدة فرنسيّة أصولها فيتناميّة-ألمانيّة ولوالد لبنانيّ، إنّ كارولين طوربيه في رحلة لامتناهية لنشر رسالة: تعزيز الفرانكوفونيّة وتمكين المرأة في المجتمع اللبنانيّ. وقد ربحت بفضل كتبها ومنشوراتها الصحفيّة الكثير من الجوائز، الأمر الذي عزّز ثقتها في ما تستطيع المرأة تحقيقه.

وتتوسّط بيروت في 4 آب أحدث أعمالها، كتاب Éclat d’Une Vie”، وهو بمثابة شهادة حياة وموت تشاركتها الكاتبة مع قرّاء أزياء مود لتسليط الضوء على أمر واحد، إلى جانب قدرة المرأة على المقاومة، ألا وهو الفرصة الثانية للعيش بعد كارثة. 

إذا كان عليك وصف كتاب Éclat d’Une Vie” بكلمات قليلة ماذا تقولين؟

لكنت قلت أنّه بمثابة شهادة حياة متعلّقة بأحد أحداث القرن الأكثر أهميّة ومسيرة امرأة يافعة احتكّت بالموت بكلّ ما للكلمة من معنى.

بعد الصدمة الناتجة عن الانفجار المأساويّ، كيف اتّخذ عنوان كتابك المنحى الإيجابيّ هذا؟

للعنوان جانبين: يمثّل الأوّل كلّ شظايا الزجاج التي تفجّرت يوم الكارثة فغطّت بيروت بكلّ زواياها، والثاني يعني "بريق" وهو الضوء الذي يلمع في ظلام هذا اليوم الحالك، ولن أخبرك ما هو الضوء إذ عليك اكتشاف ذلك من خلال قراءة الكتاب وإلّا سأفسد المفاجأة.

اتّخذ العنوان منحى إيجابيًّا إذ ارتأيت أنّ في خضمّ كلّ اليأس الناتج عن الانفجار كان ثمّة قطعة أمل صغيرة نبتت من الرماد، وقرّرت أن أتشبّث بها لأشفى.

كامرأة لبنانيّة، ما هي التحدّيات التي تواجهك في بلدك وكيف ترين مستقبلك فيه؟

برأيي، أوّل تحدّي اليوم هو أن نريد بالفعل أن نثق بأنّ ثمّة احتمال بناء مستقبل في لبنان. من خلال كتابي، أصف كيف يحاول اللبنانيّون التأقلم مع المعاناة اليوميّة في بلدهم كالذلّ والاستغلال والخوف والتقلّبات المزاجيّة واضطرابات ما بعد الصدمة. إنّني أعبّر عن استيائي لأنّ المجتمع الدوليّ تركنا بمفردنا لمواجهة موت بلدنا وإبادة شعبه البطيئة، من دون أن ننسى أنّنا نواجه عدم استقرار كبير ومخاطر بسبب الفقر المتزايد. في الأوضاع الصعبة هذه نحن لا نعيش، نحن نحاول النجاة.

التحدّي الثاني الذي أواجهه شخصيًّا متعلّق بالمهنة. كشخص طموح وكامرأة كاتبة، أجده من الصعب جدًّا أن أتطوّر وأكسب رزقي من شغفي في الوقت هذا ولا يمكنني لوم الناس. فحين يناضل البعض اليوم لشراء ما يلزمهم من لحوم أو دفع الأقساط الدراسية، لا يمكنني أن أتوقّع منهم أن يشتروا كتبًا أو أن يشاركوا بمحاضرات وحلقات نقاش. أبذل أقصى جهودي لأحافظ على إلهامي والمساهمة في "الصمود الثقافيّ".

ما يدفعني حقًّا إلى البقاء هنا هي الطاقة ورغبة جيلي على استعادة بلده. فقد أصبح واعيًا أكثر لحاجتنا إلى التغيير، التغيير الحقيقيّ. أثق أنّ التغيير هذا سيحصل في نهاية المطاف على الرغم من أنّه قد يتطلّب بعض الوقت.                  

برأيك، ماذا تستطيع النساء اللبنانيّات أن يفعلن ليحدثن تغييرًا في بلدهنّ؟

في بداية الثورة، كانت النساء واجهة الاحتجاجات التي جرت. فهنّ قدن الحركة وأعطينها حلّة سلميّة، لكن قويّة في الوقت نفسه. كنت فخورة جدًّا من نساء بلدي في تلك اللحظة. وأحثّهنّ على أن يبقين صاحبات مشاريع وقادات وقويّات لكن بلطف، وأن يستمرّنّ بالتكلّم على بلدهنّ واتّخاذ الإجراءات وإطلاق المبادرات لمساعدة شعبهنّ. وأشجّعهنّ لتثقيف الجيل اليافع بقدر الإمكان وتعليمه قيم لبنان الغد. فالحريّة تأتي أوّلًا وقبل كلّ شيء من خلال التعليم.

ما الرسالة التي تريدين إيصالها من خلال هذا الكتاب إلى النساء الأخريات، أكنّ في لبنان أو في أيّ مكان حول العالم؟  

جعلتني التجربة التي أخبر عنها في هذا الكتاب أدرك حقًّا كم يمكن أن تكون المرأة قويّة عندما تتهدّد حياتها وحياة أحبّائها. أنا شخصيًّا أخاف من الكثير من الأمور ولديّ الكثير من حالات انعدام الأمان. إذا كان عليّ أن أشاهد تجربة انفجار بيروت بأكملها، لم أكن لأظنّ أبدًا أنّني كضحيّة مباشرة سأكون قويّة بشكل كافٍ لخوض ما عشته لا جسديًّا فحسب، بل، والأهمّ، نفسيًّا.

أريد أن أقول لهنّ أنّه على الرغم من الظلام ثمّة بريق ضوء دائمًا في نهاية النفق ولا يمكن لغيرهنّ إيجاده أو حتى ابتكاره. لن يقوم أحد بذلك عنكنّ. والأهمّ من ذلك، دعننا نكون جاهزات دائمًا لمساعدة بعضنا البعض ولمساندة بعضنا في الأوقات الصعبة واستجماع القوّة.

كم يمكن للنساء أن يكنّ قويّات في عالم اليوم وما الرسالة التشجيعيّة التي تحبّين إيصالها لقرّائك الإناث؟

لم أكن لأظنّ أبدًا أنّني سأعيش حادثة مأساويّة إلى هذه الدرجة مثل "بيروشيما" في حياتي. كنت أظنّ دائمًا أنّ الأمور هذه تحدث مع الآخرين فقط. أن تكوني امرأة قويّة يساعدك على تخطّي الأوقات الصعبة التي لم تكوني لتعرفي أبدًا أنّك ستكونين قويّة بشكل كافٍ لتخطّيها. نواجه جميعًا أوقاتًا صعبة في حياتنا. جميعنا نبكي ولنا ضعفنا وهشاشتنا. غير أنّني أثق فعلًا أنّ النساء القويّات "يحوّلن ضعفهنّ إلى أكبر مصدر قوّة" ولهذا السبب لا يمكن غلب المرأة القويّة. إحدى الرسائل التي أحبّ توجيهها من خلال كتابي هي أنّ مهما كان الوضع صعبًا ومهما كان خوضه شاقًّا، يجب مواجهته وسنجد طريقة للنجاح بذلك. لا يجب الاستسلام ولا التقليل من شأن قدراتك و"غريزة المحارب" الكامنة فيك. فلا يدرك المرء مدى قوّته إلّا حين يجبر أن يكون قويًّا. 

مقالة من كتابة ميرلّا حدّاد



شارك المقال