أسلوب حياة

زيارتي لمدينة بروج

دائماً ما يكون الهدف من رحلات السّفر التي نخطّط لها تمضية بعض الأوقات المرحة ولكن كثيراً ما نسافر لدواعي عمل أو لأسباب غير سياحيّة. وفي كلتي الحالتين، لا يجب أن تفوّتوا الإستمتاع بالمدينة التي تزورونها. أمّا أنا شخصيّاً، فدائماً ما أختار مواقع إستوائيّة مشمسة ولكن ذات مرّة زرتْ بلجيكا بداعي العمل وكانتْ فترة مكوثي هناك تجربة رائعة جدّاً. قد لا تكون بلجيكا خياركم الأوّل لدى رغبتكم بزيارة أوروبا، غير أنّها تتّسم بكنوز خفيّة وأنا شخصيّاً أعتبر مدينة بروج المفضّلة لدي. فكم أتمنّى العودة إلى هناك!

إذا كنتم ترغبون في العودة بالزّمن إلى الوراء إلى حقبة العصور الوسطى مع لمسة من الطّابع العصريّ، تعتبر بروج المكان المثاليّ لكم. ليس من وقت معيّن مثاليّ لزيارة هذه المدينة ولكن قد تختلف التّجربة إستناداً إلى الوقت الذي تستكشفونها فيه. من أواخر نوفمبر إلى يوم الميلاد، تتحوّل مدينة بروج القديمة بأكملها إلى سوق خياليّ مفعم بأجواء إحتفاليّة مرحة. وأفضل طريقة لاستكشاف المدينة ومشاهدها التّاريخيّة المندرجة على قائمة مواقع التّراث العالميّ التي حدّدتها منظّمة الأونيسكو هي من خلال العربات التي تجرّها أحصنة أو سيراً على القدمين. 

 

سيروا! سيروا في الشّوارع المكوّنة من حصى والأزقّة الضّيّقة. لا تخافوا من الضّياع، إذ كلّ الطّرق توصلكم إلى برج الجرس Belfry الذي هو عبارة عن مبنى من القرون الوسطى بعلو 80 متراً في وسط المدينة والذي يمكن رؤيته من أيّ مكان. فأجعلوه مرجعكم دائماً. المشهد من فوق رائع جدّاً إذا كنتم تتّسمون بطاقة كافية لتسلّق الأدراج الحلزونيّة الضّيّقة الثلاثمئة وستّة وستّين!

 

تتمركز السّاحة الكبرى Grote MARKT في الوسط وهي محاطة بمقاهٍ ومطاعم، إلى جانب منازل ملوّنة ستذكّركم بخُبز الزّنجبيل المتّخذ شكل منازل الذي يُصنع في يوم الميلاد.

 

وفي خلال سيركم في شوارع المدينة القديمة هذه، ستغريكم رائحة الحلويات والشّوكولا. تشتهر بلجيكا بأفضل نوعيّة شوكولا ووافلز في العالم، وستحاولون مقاومتها كثيراً، غير أنّكم في النّهاية ستستسلمون فتأكلون بشراهة الوافلز الإستثنائيّة المغلّفة بكلّ ما تستطيعون تخيّله. فكلّنا نعلم أنّ السّعرات الحراريّة لا تُحتسب في العطلات. صدّقونا، بإمكان السّعادة أن تأتي على أسياخ!

ومن الأمور التي ستفتح شهيّتكم البطاطا المقليّة. أجل، البطاطا المقليّة البلجيكيّة وليس الفرنسيّة. فيأخذ البلجيكيّون البطاطا المقليّة على محمل الجدّ لدرجة ستجدون كشك أو مطعم متخصّص في تقديم البطاطا المقليّة البلجيكيّة في كلّ زاوية تقريباً. ليس هدفي أن أجعلكم تسمنون ولكن من المعيب جدّاً عدم مشاركتكم هذه المعلومة.

 

ستلاحظون أنّ عدد القنوات المائيّة يفوق عدد الشّوارع؛ فتُعرف هذه الأخيرة بكونها بندقيّة الشّمال لذلك من المهمّ جدّاً أن تذهبوا في جولة لاستكشافها وبخاصّة أن ذلك يخوّلكم أيضاً رؤية واجهات المباني الفلمنكيّة وسماتها الهندسيّة. واستضافتْ المدينة من تاريخ 5 مايو إلى 16 سبتمبر 2018، معرضاً جميلاً في الهواء الطّلق تحت عنوان “Triennale” ، حيث توزّعتْ 15 تحفة فنّيّة أصليّة في أرجاء المدينة، مجسّدة موضوع "Liquid City". أمّا القطعة الأكثر إثارة للجدل، فكان الحوت الأزرق المصنوع من النّفايات البلاستيكيّة التي تمّ استخراجها من البحر والتي تشكّل خطراً على الحياة البحريّة.

 

وأكثر المواقع شهرة في صفوف السّيّاح والتي يتمّ تصويرها كثيراً رصيف ميناءQuai of the Rosary. ستلاحظون كم تبدو المناظر وكأنّها صورة على بطاقة بريديّة. وستجدون الكثير من الأزواج يبحثون عن أحد يلتقط لهم صوراً خالدة أمام المناظر الخلّابة.

سواء أكنتم متّجهين إلى بروج لقضاء عطلة نهاية أسبوع مرحة أو بداعي حضور مؤتمر عمل، ستفاجئكم هذه الأخيرة كما فاجأتني!

 

ماري-تيريزيا حدشيتي

إنستغرام: @Therychoux



شارك المقال