مجوهرات وساعات

حوار مع إيلين بولي-دوكيسن، المديرة التّنفيذيّة لدار بوشرون

منذ العام 2015، أحضرت إيلين بولي-دوكيسن خبرتها في مجال تنمية الأعمال الدّوليّة إلى دار بوشرون، ففتحت آفاق جديدة لهذه الدار الفرنسيّة وأغنت إرث المجوهرات الرّاقية عالميًّا بطرق مختلفة. جعلت من نموّ الدار نقطة تركيزها الأساسيّة، الأمر الذي جعل من هذا الهدف محفّزًا للسّيّدة بولي-دوكيسن في مسيرتها نحو تعزيز مكانة بوشرون كإحدى الدّور الأرقى في العالم كلّما سنحت الفرصة.

وفي حوار رقمي، تمنحك مجلة أزياء مود نظرة إلى استراتيجيّتها ورؤيتها النّاجحتيْن، بالإضافة إلى القصّة الكامنة خلف أحدث مجموعة مجوهرات راقية من بوشرون، “Histoire de Style, Art Déco”.

كيف تصفين رحلتك في بوشرون؟

في خلال السّنوات الخمسة الفائتة، عملنا جاهدين لتحسين معظم عناصر الشّركة الأساسيّة. وكان تنظيم عملنا داخليًّا والحرص على أن يستخدم كل موظّف منصّة العلامة الجديدة من أهمّ مهامنا. أيضًا وأيضًا، لقد استبدلنا نظامنا بنظام رقمي في غضون سنتين فحسب، وقد خصّصنا الآن 50% من ميزانيّتنا لحضورنا الرقمي: فبدأنا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بجدّيّة في استراتيجيّتنا، ما شكّل أمرًا جديدًا بالنّسبة للشّركة.

وفي ما يتعلّق بالبيع، أهمّ ما حقّقنا هو ترميم بوتيك Place Vendôme والإتيان بمفهوم بيع جديد تمكّنّا من تطبيقه في ما يقارب 70% من متجارنا حول العالم. في الواقع، عندما انضممت إلى الشّركة في العام 2015، وضعت خطّة تشمل السّنوات الخمسة الأولى، ضمّت أيضًا التّنمية التّجاريّة العالية في الصّين كإحدى أولويّات الشّركة. ففي حين ما كان لنا أي بوتيكات هناك منذ خمس سنوات، حرصنا على كسب التّمثيل المناسب في المنطقة من خلال تدشين 4 متاجر حتّى الآن ونسعى لجعلها 8.

في ضوء التحديات التي تواجه العالم في الوقت الحاضر، كيف تتأقلم دار بوشرون مع طبيعة العيش الجديدة في ما يتعلّق ببيع قطع المجوهرات الرّاقية؟

لقد استنفذنا طاقتنا الإبداعيّة وفي غضون بضعة أسابيع، اخترعنا طرق عدّة للبيع؛ فبما أنّه ليس بإمكان زبائننا السّفر في الوقت الحاضر، إنّهم يستثمرون في قطع يمكنهم الحصول عليها في بلدهم، ما يشكّل فرقًا كبيرًا في طريقة عملنا. كان 60% تقريبًا من عمليّات البيع رقميًّا في عالم الرّفاهيّة، فصمّمنا مفهوم جلسات البيع عن بعد المخصّصة للمجوهرات الرّاقية في بداية الإقفال التّام في فرنسا. وعندها، أكتشفنا أنّ هذه التّقنيّة تتطلّب اهتمامًا دقيقًا في التّفاصيل والموارد: من المصوّر إلى المساعدة التي ترتدي القطع سامحةً للمشارك بأن يعرف كيفيّة اعتمادها وآلات التّصوير الاختصاصيّة والإضاءة التي تمنح الزّبائن فرصة تفقّد أدقّ تفاصيل التّصميم من خلال لقطات عالية الجودة وغيرها من التّفاصيل التي تدخل في عمليّة تزويد هؤلاء بالتّجربة الأفضل على الإطلاق. وقد أدركنا أيضًا أن الحصّة لا يجب أن تتخطّى مدّة 20 دقيقة بهدف الحفاظ على اهتمام الزّبون. وفي الواقع، تمكّنت هذه التّجربة من جذب زبائننا إلى التّقنيّة الرّقميّة، الأمر الذي يعتبر بغاية الأهمّيّة في أيّامنا هذه. أمّا الصّعوبة اليوم فهي أنّ في وقتٍ ما سيكون عليهم زيارة بوتيك Place Vendôme لاستلام تصاميمهم والعودة إلى بلدهم، ما يشكّل عنصر مؤخّر يضاف إلى اللّائحة.

وفي خلال الإقفال التام الثّاني في فرنسا، تمتّعنا بالقدر الكبير من الإبداع مرّةً أخرى عندما منعت الحكومة فتح البوتيكات للزبائن، فطوّرنا خدمة النّقر والاستلام في فترة أسبوع واحد فحسب، ما سمح لزبائننا زيارة Place Vendôme لاستلام طلبهم بعلبة صغيرة من دون مغادرة سيّاراتهم.

ولم يكن هذا كلّ شيء، إذ أضفنا علبة محادثة إلى موقعنا الإلكتروني متّصلة ببوتيك كان، فسمحت هذه الأخيرة للزّبائن طلب محادثة مرئيّة مع عامل في الخدمة يعرض لهم القطع عبر الفيديو. فأعتقد أنّه يمكننا القول أنّنا تأقلمنا تمامًا مع طبيعة العيش الجديدة.

حدّثينا عن مجموعة بوشرون الجديدة من المجوهرات الرّاقية “Art Déco” وبأيّة طريقة تمثّل قيم الدّار؟

من أجل مجموعة المجوهرات الجديدة، لقد أتينا بمفهوم تحت عنوان “Histoire de Style”. فقرّرنا أن نقسم عرضنا إلى حدثين مهمّين: الأوّل قد تمّ الكشف عنه في شهر يوليو ويجسّد رؤية كلير شوازن بطريقة إبتكاريّة وإبداعيّة للغاية من خلال مواد جديدة وأسلوب شاعري، والثاني تمّ الكشف عنه في يناير 2021 ويتمحور حول تصاميم كلاسيكيّة مهمّة جدًّا لنا من ناحية سير العمل وتخبر قصّة أرشيف بوشرون. لإبداع هذه المجموعة، ألقت كلير نظرة على أرشيف الدار وأعادت إبداع القطع بهدف إحياء هذا الإرث وإضافة سمات جديدة إلى مستقبل الدار من خلال خبرة الآرت ديكو العائدة إلى 2020. تشكّل هذه المجموعة سبيلًا لنا في بناء إرث الدار، الأمر الذي لطالما شكّل أساسًا لفلسفة بوشرون.

وتأتي هذه المجموعة ثمرة شغف كلير وشغفي بالآرت ديكو، فقد كانت الرّحلة الإبداعيّة هذه شخصيّة ومفعمة بالأحاسيس في البداية. وتأتي أيضًا من إرث الدار في هذه الحركة الفنّيّة، إذ كانت ملكة الآرت ديكو عام 1925 بعد حيزها على كافّة الجوائز في خلال معرض الفنون التّزيينيّة الباريسي الذي أقيم في ذلك العام.

تتميّز هذه المجموعة من المجوهرات الرّاقية بالتصاميم القابلة للتّحوّل التي تقدّمها. ما الذي ألهمكما لإبداعها على هذا النّحو؟

كامرأتين واقعيّتيْن، دائمًا ما نتلاعب كلير وأنا بالمجوهرات الرّاقية ونعتقد أنّه من المخيب للآمال أن يكون لدينا قطعة ثمينة يمكننا اعتمادها بطريقة واحدة، وإنّ زبائننا أليفون مع هذه الفكرة. أتذكّر جلسة احتساء شاي مع إحدى أعزّ زبوناتنا منذ 3 سنوات تقريبًا، حين كنت أستعرض لها بروش. حملته في يدها وأخذت تعتمده بطرق مختلفة، واضعةً إيّاه على شعرها ومحوّلةً إيّاه إلى عقد ضيّق لتنتهي بطرح إمكانيّة وضعه على الحذاء.

لذلك، أعتقد أنّ هذه هي فلسفتنا الإبداعيّة وهذه رغبتنا بأن نجعل مجوهراتنا الرّاقية مرحة. في هذه المجموعة، أعتقد أنّ إحدى قطعي المفضّلة هي Ruban Diamants لأنّها تبدو رائعة على رجل كحزام بقدر ما تبدو مذهلة على امرأة كسوار أو عقد ضيّق أو إكسسوار للشّعر. فالأمر برمّته يتمحور حول استخدام هذه التصاميم الرّاقية بأكثر الطرق إبداعًا والاستمتاع بها.

ما هي قطع بوشرون الأكثر طلبًا في الشّرق الأوسط؟

لا بدّ أنّها قطع Serpent Bohème، في حين أنّ مجموعة Quatre هي الأكثر طلبًا عالميًّا. فإنّ هذه المجموعة تناسب بامتياز النّساء الشرق أوسطيّات من خلال طرق اعتماد قطعها، وبخاصّةٍ العقود الطّويلة والأساور التي تضمّها.

أخبرينا عن خططك للمنطقة.

ما أحبّه في الشّرق الأوسط هو أنّه الجزء من العالم الذي يفهم فيه الزّبائن بشكل أفضل قيم بوشرون. إنّه الإقليم الذي يتطابق بامتياز مع الصّورة التي تراود ذهني، وتربطني في هذا المكان علاقة وجدانيّة. إنّي جدًّا فخورة بالعمل الذي قمنا به في هذه المنطقة، وعلى الرّغم من أنّ الكثير بانتظارنا بعد، أشعر أنّ النّساء الشّرق أوسطيّات تمكّنّ من استيعابنا كعلامة راقية وأحببن ذلك، ما يجعل الشّرق الأوسط المنطقة من العالم التي برأيي تشكّل مثالًا لسائر المناطق. فعلى سبيل المثال، في خلال 10 سنوات، أتمنّى أن تصبح صورتنا في اليابان مشابهة لصورتنا هنا. في الوقت الرّاهن، يتبضّع الشّرق أوسطيّون من السّوق المحلّيّة، ولهذا السّبب أبدعنا في العام 2020 حملة تواصل تحت عنوان Legacy، وكانت مفعمة بالمشاعر والتقطت العلاقة بين النّساء وبخاصّةٍ تلك التي تربط أمّ بابنتها. هذا في الواقع ما يجعل بوشرون مختلفة جدًّا، فكلّ ما نقوم به صريح وبعيد كلّ البعد عن التظاهر.

ماذا عن المملكة العربيّة السّعوديّة؟

لقد خطّطنا لمعرض في العام 2021، ويبقى هذا الأخير حلمًا وعلى الرّغم من أنّنا لا نزال نأمل بالتّمكّن من عقده، لا أعتقد أنّه سيحدث بسبب التّحدّيات التي تحيط بنا جرّاء تفشّي الوباء. على صعيد مختلف، ثمّة قيم ثقافية واجتماعية تحرّك المشاعر في ما يختصّ بالنّساء في هذه المنطقة، وأعتقد أنّ القصّة التي نسردها عن النّساء في العادة تتمحور حولهنّ بطريقةٍ أو بأخرى، وهذه الرّواية تتماشى مع التّغيّرات التي تشهدها البلاد.



شارك المقال