جمال

حصرياً - مقابلة مع سيرجيو مومو

متحدّرٌ من عائلة تعشقُ العطور والرّوائح، بدأ صانع العطور الموهوب سيرجيو مومو مسيرته المهنيّة منذ 10 أو 12 سنة، بعد تركيز إهتمامه على مجال التّصميم. تباعاً لشغفه بفنّ تركيب العطور، كشف هذا الأخير سابقًا عن مجموعتي Xerjoff و Sospiro.

وأطلقَ سيرجيو مجموعته الثّالثة Kemi على مستوىً عالميّ وكان لموقع أزياء مود فرصة الإلتقاء به في دبي للتّحدّث عن مصدر الوحي الذي أدّى إلى إبداع هذه المجموعة والمزيد من الأمور الأخرى.

 

كيف نشأ شغفكَ للعطور؟

أعتقدُ أنّ حبّي للعطور لازمني دائماً. كنتُ متأثّراً  بشكلٍ أساسيّ بعائلتي وكان حبّ العطور جزءاً أساسياً منها. كان أبي يسافر باستمرار فكان يجلبُ معه روائحاً مثيرة للإهتمام من كلّ أرجاء العالم، أحياناً على شكل عطور وأحياناً أخرى على شكل مواد خامّة. فكان حبّ العطور موجوداً دائماً في عائلتنا، لم نكن نصنعها أو نتاجر بها ولكنّها كانت شغفنا. كانتْ مهنتي تقتصر بشكلٍ أساسيّ على التّصاميم التي تُبدع في إيطاليا والمملكة المتّحدة والولايات المتّحدة. ثمّ، وبعد وقتٍ قصير، أي بعد مرور 10 إلى 12  عاماً، قرّرتُ إبداع عطر مختلف لنفسي. فأبدعتُ عطراً واحداً وتمّتْ صناعته في مورانو. لطالما عشقْتُ العطور الطّبيعيّة، لذلك أخذتُ بعض الدّوْرات في جنوب فرنسا. أصبحت ضليعاً أكثر في تقنيّات التّقطير، التي بالطّبع كانتْ مهمّة جدّاً، لأنّنا نستخدمُ المواد الطّبيعيّة. فبدأ كلّ شيء، من دون أن يكون لنا أهداف تجاريّة حتّى ولا دعم من مجال التّسويق. كان شغفاً بحتاً، ولكن بعدها، وكما يحصلُ دائماً، تحدثُ الأمور في غفلة. والآن، نملكُ شركتين وعلامات عديدة. 

هذه هي المجموعة الثّالثة التي نطلقها على مستوىً عالميّ. لقد بدأنا بمجموعة Xerjoff، ثمّ لحقتها مجموعة Sospiro والآن مجموعة Kemi.

أنت الآن في دبي لإطلاق أحدث إبداعاتك، مجموعة عطور Kemi . هل يمكنك إخبارنا عن مصدر الوحي وراء هذه المجموعة؟

عطور Kemi هي أكثر من مجرّد إختبار مثير للإهتمام بالنّسبة إلي. إنّها مثيرة للإهتمام لأنّها وعلى غرار كلّ المجموعات التي أبدعها، مستوحاة من الأبحاث. يبدأ كلّ شيء بفكرة بعد قراءة كتابٍ معيّن ربّما أو زيارة بلدٍ معيّن أو الإستيحاء من شيءٍ معيّن. ويعتبرُ التّاريخ أيضاً من العناصر التي يمكن الإستيحاء منها دائماً. وفي هذه الحالة، كانتْ كلمةKemi  تعني الخيمياء قديمًا وأعتبرُ هذا المجال موضوعاً مثيراً للإهتمام جدّاً، إذ إنّه نوع من الفلسفة التي نشأتْ منذ آلاف السّنين في جنوب البحر الأبيض المتوسّط، من مصر إلى اليونان والشّرق الأوسط والهند والشّرق الأقصى وأوروبا في عصر النّهضة. إنّها تحتوي على عدّة ثقافات وتطوّرات. فقد أصبحت الخيمياء أساس الكيمياء وكلّ أنواع الصّناعات التي نعرفها. ولكن، لطالما لفّ كمٌّ كبير من السّحر حول هذه الأخيرة وليس فقط في ما يختصُّ الجانب التّقنيّ ولكن أيضاً الجانب الفنّي والفلسفيّ على مرّ الأزمنة. لذلك، شكّلتْ الخيمياء مصدر وحي لي. إنّ للعطور علاقة بما نفعله بالطّبع، إذ إنّنا نتكلّم عن أساسات عالم الخيمياء وتحوّل عنصر طبيعيّ إلى شيءٍ مذهل؛ حجر الفلاسفة أو تحوّل المعدن إلى ذهب إلخ... لذلك، تتطوّر أشياء عديدة في خلال عمليّة تحوّل العناصر ونحن نقوم بالعمليّة نفسها هنا.

هل من تحدّياتٍ معيّنة واجهتها في خلال تركيبك لهذا العطر؟

أجل، الكثير منها. وصلَ علم الخيمياء إلى الشّرق الأوسط على يد جابر الذي لعبَ دوراً مهمّاً جدّاً في التّاريخ. كان عالماً وباحثاً وللمرّة الأولى في التّاريخ، حوّل هذا الأخير فلسفةٍ محدّدة إلى بحثٍ فعليٍّ. وقد أجرى تجارب حول البحث وكان ذلك عنصراً مهمّاً جدّاً. وكان هذا الأخير يقومُ بكتابة كلّ شيء ويقوم بأعمال لم يسبق لغيره أن فعلها وهذا الأمر مهمّ أيضاً. والآن، نحن نعرف كلّ أساسيّات عالم الكيمياء بفضل جابر الذي كان في طور التعلّم والإبداع وكتابة تجاربه الخاصّة. أبدعَ هذا الأخير أيضاً تقنيّة التّقطير التي تمكّننا من تحويل الأعشاب والعناصر الطّبيعيّة إلى زيوت وخلاصة المواد الخامة. وهذا يشكّل جزءاً من تطوّر مفهوم العطر من خلال تحويل زهرة أو عنصرٍ آخر إلى زيوت تخوّلنا إبداع مزيج أو عطر.

تعتبرُ عمليّة تغليف العطر مثيرة للإهتمام أيضاً، هل يمكنك إخبارنا المزيد عن ذلك؟

في الواقع، إختلطتْ الأشياء ببعضها. فترين طغيان الشّكل الدّائريّ على الغطاء والشّكل، بغضّ النّظر عن الوزن والمواد اللّذيْن يشكّلان عنصرين مهمّين جدّاً. إعتمدنا هذا الشّكل لأنّه مرتبط بمعنىً قويّ. لا نبدعُ العطور معتمدين مفهوم الهرم التّقليديّ أيّ التّوجّه من الرّائحة الأساسيّة إلى قلب الرّائحة. إنّها مقاربة مختلفة تماماً. إنّه عنصر دائريّ الشّكل، إذ إنّه يحتوي على نواة، التي هي أساس الرّائحة. تتكوّن هذه العطور من 3 إلى 4 عناصر على الأكثر ويتّسم جميعها بالأهميّة نفسها. في البداية، يتّسمُ العطر برائحةٍ قويّة ولا تخفّ مع الوقت.  

تتضمّنُ هذه المجموعة زيتين. هل يمكنكَ إخبارنا المزيد عنهما؟

واحد من هذيْن الزّيتين هو عبارة عن خليط من ثلاثة أنواع عود وقد يشكّل هذا الأخير رائحة أساسيّة يمكن لمستخدمها أن يرفقها بأيّ من عطور Kemi أو عطورٍ أخرى. فبالإجمال، مزج العطور هو لعبة حظّ بالنّسبة إلي، إنّها مسألة تجربة وفشل.

هل من مكوّناتٍ محدّدة تتميّزُ باستخدمها دائماً في عطورك؟

طبعاً، أميلُ إلى إستخدام مكوّناتٍ معيّنة ولكن لا أستخدمها في كلّ مرّة أبدع فيها عطراً جديداً. أحبُّ مزيج رائحتي الفانيلّا والزّبيب.

ما هو العطر المثاليّ لمنطقة الشّرق الأوسط برأيك؟

أعتقدُ أنّ كلّ عطرٍ لا يحتوي على روائح حمضيّة أو رائحة الزّهور هو عطرٌ شرقيّ بامتياز. يتّسمُ العطر الشّرقي بطبيعته القويّة التي تبقى ثابتة. إنّه عطرٌ واضح ومكوّن من مزيج روائح. 

هل هذه العطور مناسبة للنّساء فقط؟

كلّ، أبداً. لا أبدعُ أبداً عطوراً تُناسب جنساً واحداً دون غيره. تركيب العطور بالنّسبة لي هو بمثابة فنّ يلمسُ الجميع.

هل تلمس هذه العطور شخصيّة معيّنة بشكلٍ خاصّ؟

هذه العطور تُناسب الزّبون الذي يحبُّ القيام باختبارات. إنّ العطر نوع من الإختبار، على غرار الموضة أو كلّ الأمور الحياتيّة الأخرى.

ما هي مشاريعك المستقبليّة؟

كلّ مرّة نبدعُ فيها عطوراً جديدة، نفكّرُ بإضافة عطور جديدة على كلّ من مجموعة Kemi و Sospiro و Xerjoff.

ما هي الكلمات الأربعة التي تستخدمها في وصفك لعمليّة إنتاج هذه المجموعة؟

تجسيد التّاريخ هي الكلمة الأولى، إذ إنّ التّاريخ أساس كلّ شيء. أمّا الكلمة الثّانية فهي تقنيّات المزج والطّبيعة هي الثالثة؛ في الواقع، لم نركّز إهتمامنا كثيراً عليها هذه المرّة ولكن بطبيعة الحال، تتواجدُ الطّبيعة في كلّ من عمليّتي التّقطير والمزج ومن السّهل قول ذلك ولكن أن يكون باستطاعتنا العمل مع عناصر طبيعيّة بنسبة 95 أو 96 فذلك صعبٌ جدّاً وبخاصّة بعد مرور الزّمن. الإختبارات هي الكلمة الرّابعة لأنّ أحياناً نملكُ النّوعية غير المرفقة بالعنصر الإبتكاريّ ولا بأس بذلك.

 

ميرلّا حدّاد



شارك المقال