مجوهرات وساعات

مقابلة مع فريديريك غرانجييه

لا يزال معرض Mademoiselle Privé الذي أقامته شانيل في سول يخبّئ لنا المزيد من المفاجآت، إذ كنّا محظوظين كفاية للإلتقاء بفريديريك غرانجييه، الرّجل الذي أوصلته تجربته الغنيّة في عالم الرّقيّ إلى تسلّم منصب رئيس قسم ساعات ومجوهرات الدّار في يوليو 2016.

ونظراً لحمله شهادة ماجستير في تسويق منتجات الموضة والعالم الرّاقيّ من المعهد العالي للتّسويق الرّاقي في باريس، لم يكن من المفاجئ أبداً أن يتفوّق غرانجييه في عمله وأن يساهم في إيصال شانيل إلى قمّة التّفوّق في عالم السّاعات. في المقابلة أدناه، ستتسنّى لكِ فرصة إستكشاف تاريخ شانيل في هذا الحقل والقطع المعروضة في متحف D وغيرها الكثير.

أخبرنا المزيد عن مجوهرات شانيل وساعاتها الموجودة في هذا المعرض.

جاء قرار عرض مجموعة  Collection de Diamantsالتي أُطلقتْ عام 1932 نتيجة إتّسام هذا الحدث بالطّابع العصريّ جدّاً والحميم في الوقت عينه، وأعتقد أنّ هذه هي الطّريقة الصّحيحة لنشر تاريخنا. عندما تكونين في المعرض، ما سترينه وتكتشفينه هو في نهاية المطاف عبارة عن أساسيّات شانيل، من عطر No5 إلى الهوت كوتور والمجوهرات الرّاقية.

عند التّفكير بالقصّة كاملة، ستكتشفين أنّها على الأرجح غيّرتْ مفهوم المجوهرات الرّاقية للأبد، إذ فجأةً أصبحتْ مثاليّة للوقت الحاليّ متّسماً بالطّابع العصريّ، كما أنّها قطع صمّمتها إمرأة وخصّصتها للنّساء. في تلك الفترة، كانتْ هذه القطع رائدة جدّاً، إذ كانتْ غابريال حينها متمرّدة جدّاً. والأمر مذهل جدّاً، إذ  كان موقع Place Vendome في تلك الفترة المكان الذي تُعرض فيه المجوهرات الرّاقية كلّها، ولكن كان يديره رجال كرهوا غابريال وحاولوا بكلّ الطّرق إحباط المشروع. ولكن وبالرّغم من كلّ العوائق، أبدعتْ هذه الأخيرة مجموعة ترصّعتْ بالماس وتضمّنتْ قطعاً تتجانس مع البشرة بكلّ سلاسة. ووضعتْ هذه الأخيرة إبداعاتها على تماثيل العرض التي كان يستخدمها مصفّفو الشّعر. وبحسب ما جاء في التّاريخ، إعتُبرتْ المجموعة جميلة جدّاً وذات أهمّيّة عظيمة للعلامة، إذ كانتْ شانيل تطبّق معايير أعلى فئة من المجوهرات فأتتْ قطعها بالتّالي متماشية جدّاً مع صيحات العصر ومتّسمة بالطّابع العصريّ ومختلفة. نعتقد أنّ الأمر برمّته يشكّل جزءاً من هويّة الدّار. فزوّدنا ما أبدعته آنذاك بحريّة الإبداع في وقتنا الحاليّ.  

صورة عن غرفة المجوهرات الرّاقية في معرض Mademoiselle Privé من شانيل في سول

هل من صعوبات واجهتها الفنّانة في خلال إبداعها لهذه القطع المذهلة؟

أجل، أتتْ هذه القطع نتيجة ساعات مضنية من الصّناعة الحرفيّة. ففي ورشة عملنا الواقعة في18 Place Vendome في باريس، تمّ إستثمار مئات آلاف السّاعات لإبداع هذه المجوهرات. وفي الوقت عينه، ما يثير الإهتمام في هذا الموضوع هو عنصر الفخر والضّغط النّفسيّ الذي إختبرته فرق العمل عند صناعتها لهذا النّوع من المجوهرات، إذ إنّها تمثّل إرث الدّار فعلاً، أيّ أساسات عالم المجوهرات الرّاقية وشانيل. إنّها تمثّلنا وتاريخنا، لذلك هي مميّزة جدّاً بالنّسبة إلينا. 

ما الذي يجعل أسلوب شانيل مختلفاً في عالم المجوهرات والسّاعات؟

إنّه مزيج من الإبداع الصّافيّ. لدينا مصمّمين ماهرين وهذا الأمر أساسيّ جدّاً بالنّسبة إلينا، على غرار عالمي الموضة والعطور. وفي الوقت عينه، نأتي من منظار مختلف، إذ كانتْ غابريال شانيل متواضعة جدّاً وبدأتْ مسيرتها المهنيّة بصناعة القبّعات، كما ترون هنا في المعرض. ومنذ البداية، كانتْ هذه الأخيرة تتعامل مع النّساء اللّواتي كنّ يبتعنَ المنتجات لأنفسهنّ. أعتقد أنّ هذا الأمر يشكّل جزءاً ممّا نصمّمه وما نعرضه في السّوق وهذا ما يميّزنا عن الدُّور التي تأسّستْ في القرن التّاسع عشر. فنحن نتّسم بهويّة وقصّة مختلفتين. فعلى سبيل المثال، وبدءاً من الأسبوع المقبل، ستكتشفين مجموعة المجوهرات الرّاقية الجديدة المتّسمة بالكثير من الإبداع والجمال. والأمر المثير للإهتمام فيها هو أنّها حديثة جدّاً. فعلى صعيد التّقنيّة والتّصميم، لا أحد قام بهذا العمل في السّابق. وسُمّيتْ المجموعة Flying Cloud تيمناً باليخت الذي كان يملكه دوق وستمينستر. فكانتْ تمثّل البحر بطريقة لم يتّبعها أحد، على حدّ علمنا. ويعود سبب عدم قيام أحد بذلك قبلنا هو أنّنا نأتي من خلفيّة مختلفة وإكتشفتُ ذلك عندما كنتُ أتأمّل المجموعة في خلال تطوّرها وإضافة اللّمسات النّهائيّة إليها.  وفي حال توصّلتْ دار أخرى إلى إبداع مجموعة كهذه، لن يبدو الأمر منطقيّاً حتّى لو إستوحى المصمّم من العناصر نفسها. فتمحورتْ هويّة غابريال شانيل وأسلوب حياتها حول دوق وستمينستر ويخته Flying Cloud، إلى جانب القبّعات والقمصان الصّوفيّة... لذلك، يمكننا أخذ عناصر من حياتها وتجسيدها في قطع مجوهرات راقية عصريّة. ويشكّل هذا الأمر في الواقع بداية كلّ قطعة نبدعها ليعود ويتخطّى بها المصمّم وربّما برفقة فريق عمله أبعد حدود الإبتكار ولكنّها تبقى حاملة توقيع شانيل دائماً. فستمثّل هذه الأخيرة دائماً وتعبّر عن أسلوب شانيل وفي الوقت عينه وعلى غرار عالم الموضة، ستتطوّر فتُضاف تفاصيل إلى ما هو موجود أساساً. وفي أكتوبر، سنشهد على الكشف عن إبداع جديد هو عبارة عن ساعة. ومجدّداً، أعتقد أنّ السّوق لن تتوقّع ساعة كهذه. فكلّ الأشخاص الذين رأوها قالوا لي أنّها أكثر ساعة صمّمتها تجسّد روح شانيل من بين القطع.

برأيكَ ما هي قطعة شانيل الأساسيّة المثاليّة لكلّ مُحبّة شانيل تعشق المجوهرات؟ ولماذا؟

أعتقد أنّ في الوقت الحاليّ، تبتاع النّساء عدّة خواتم وأساور من مجموعة Coco Crush وتعتمدها مع بعضها. فهذا ما نراه ونشهد عليه في الوقت الحاليّ. وطبعاً، على صعيد التّصميم، إنّها أقرب قطعة إلى أسلوب شانيل على الإطلاق.

ما هي السّاعة التي تختارها تبعاً لهذا المنطلق؟

أعتقد أنّ ساعة Première Boy هي ساعة تحمل توقيع شانيل بإمتياز في الوقت الحاليّ؛ إنّها أحدث قطعة تحمل توقيعها، كما أنّها تكتسب شهرة متصاعدة. إنّها تتّسم بأسلوب صافٍ جدّاً، كما أنّها مثيرة للإهتمام، إذ إنّها تتميّز بلمسة من الطّابع الرّجوليّ ولكنّها في الوقت عينه أنيقة جدّاً. تمّ الكشف عن هذه السّاعة منذ سنتين والنّسخة المصنوعة من الذّهب البيج التي سنطلقها قريباً مذهلة جدّاً أيضاً.

أخبرنا المزيد عن نفسك وكيف تصف تولّيك منصب رئاسة قسم بهذه الأهمّيّة في دار شانيل؟

أعتقد أنّني محظوظ جدّاً لإستلامي هذا المنصب. والجزء المهمّ في هذا الموضوع هو أنّ شانيل هي شركة تتّسم بنظرة مستقبليّة طويلة الأمد. لقد إنضممتُ إلى هذه الشّركة قبل عام وأعتقد أنّ من الرّائع جدّاً أنّ كلّ موظّفي دار شانيل يعملون لخدمتها ونشر روحها. فبالنّسبة لنا، يعتبر الإتّسام بنظرة مستقبليّة طويلة الأمد قيمة أساسيّة في عالم الرّقيّ الفعليّ وهو ذات أهمّيّة أكبر في عالم السّاعات والمجوهرات الرّاقية. في الواقع، يجب الإتّسام بتلك النّظرة المستقبليّة الطّويلة الأمد ويجب أن تعلمي ما يمكنكِ تنفيذه على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال، تطلقين أوّل حركة أبدعتِها داخل ورش عملكِ الخاصّة، على غرار ما قمنا به السّنة الفائتة في بازل ورلد مع Monsieur Caliber One. إنّها ثمرة 5 سنوات من التّطوّر. وفور وصولنا إلى هذه المرحلة، يمكننا الإنتقال إلى إبداع معايرة ثانية وثالثة ورابعة وهكذا دواليك. أمّا في ما يختصّ بالمجوهرات الرّاقية، فيجب أن تتّسم الدّار بنظرة مستقبليّة تمتدّ على 20 سنة وبصراحة هذا ما يحصل في دار شانيل. ففي العام 2022، سنحتفل بذكرى مُضي عشرين سنة على تأسيس قسم المجوهرات الرّاقية في شانيل ونحن نعمل منذ الآن على تحقيق ذلك.

في ظلّ إستخدام الدّار المثير للإهتمام لمادّة السّيراميك في ساعات J12، كيف تقوم شانيل بثورة في عالم صناعة السّاعات كما هو الحال معها في عالم الموضة؟

عندما تمّ إطلاق ساعات J12 عام 2000، إعتُبرتْ هذه الأخيرة ثورة في عالم السّاعات، ليس لكون شانيل أوّل دار تستخدم السّيراميك فحسب، بل برأيي يعود السّبب إلى إرتقاء شانيل وإستخدامها أفضل نوع سيراميك على الإطلاق. قد تكونون على علم بهذا الواقع، إنّنا نبدع ساعاتنا الخاصّة المتّسمة بطابع حصريّ جدّاً. وكجزء من عمليّة صناعة هذه القطع التي تحصل في ورش عملنا، نبدع أيضاً السّيراميك الخاصّ بنا فبذلك نكون نطبّق أعلى معايير النّوعيّة. وبعدها في العام 2013، أبدعنا نسخة ساعة J12 البيضاء التي شكّلتْ ثورة في عالم تصاميم السّاعات. برأيي ما يثير الإنتباه في دار شانيل هو أنّ الأمر برمّته يبدأ من العمليّة الإبداعيّة. يحتاج مصمّمونا وإبداعاتنا إلى الإبتكار. وسآخذ على سبيل المثال ما أدرجناه في معرض بازل هذه السّنة أيّ المعايرة الثّانية التي أبدعتها الدّار بنفسها، ما يعتبر أمراً مذهلاً على صعيد الحركة. وتعتبر ساعة  Première Camelia Skeleton قطعة مثيرة للإهتمام وهذا واقع جميل حتماً؛ إنّها ساعة تجسّد شكل زهرة الكاميليا. ولكن هذه الأخيرة هي في الواقع حركة السّاعة. وما يميّز هذا التّصميم أكثر هو قدرة مصنعنا على تنفيذ القطعة وتزويد السّوق بتصميم يجسّد بمثاليّة ما تخيّله المصمّم. إنّنا في صدد البحث المكثّف والمستمرّ على صعيد الإبتكار. فنحن لا نكشف عن كلّ قطعة نصنعها أمام العلن، إذ لا تكون هذه الأخيرة أحياناً تجسيداً مثاليّاً مئة في المئة لما تخيّله المصمّم أو شعرنا بأنّها لا تضيف أيّة قيمة إلى العلامة.

هل بإمكان روحك الإبتكاريّة أن تدفعكِ إلى إبداع ساعة ذكيّة؟

طبعاً، يمكننا التّوصّل إلى إبداع نسخة السّاعة الذّكيّة من مجموعة J12 ولكن ما القيمة التي ستضيفها هذه الأخيرة إلى الدّار إذا كان هدفها إعلامكِ بعدد الخطوات التي تخطينها في اليوم وتعرض لكِ أحوال الطّقس. فسيكون الأمر بمثابة مواكبة صيحة معيّنة، لذلك أعتقد أنّ هذا هو السّبب الذي يدفعنا، عند التّكلّم عن الإبتكار، إلى الحرص على عدم تحديد أنفسنا بما هو جليّ بالنّسبة للنّاس. فبالنّسبة لنا، يجب أن يبدأ الأمر من عمليّة الإبداع والمصمّمين، فإذا كان إبداع هذه القطعة منطقيّاً بالنّسبة لهم والعلامة، سنطلقها في السّوق حتماً.

هل يحتوي المعرض على قطعة من مجموعة المجوهرات الرّاقية الأولى التي أبدعتها غابريال شانيل؟

أجل. تتضمّن المجموعة 45 قطعة صمّمتها هذه الأخيرة ونحن نملك واحدة منها. من الصّعب جدّاً شراء الباقي، إذ إنّ التّعلّق المعنويّ بها عالٍ جدّاً. في أفضل الحالات، يمكننا إستعارتها لمعرض معيّن أو جلسة تصويريّة ما، إذ أنّ صعوبة الأمر تعود إلى التّعلّق العاطفيّ بهذه القطع وليس بالمادّيّات.

بروش "Comète" الأصليّ من مجموعة Collection de Diamants العائدة إلى العام 1932

 

ميرلّا حدّاد



شارك المقال