أسلوب حياة

مقابلة مع فرانسين لوثي

كرّستْ فرانسين لوثي، عالمة النّفس ومديرة التّعليم التي تتّسم بخبرة أكثر من 15 عاماً، مسيرتها المهنيّة الغنيّة للعمل مع الأطفال المهاجرين وعائلاتهم الذين يأتون من خلفيّات ثقافيّة إجتماعية-إقتصاديّة وتعليميّة مختلفة عن المكان الذي يعيشون فيه. بعد مساهمتها في البرامج التّعليميّة مثل Swiss Canton of Vaud وتعاونها معCity of Lausanne، إنتقلتْ هذه الأخيرة إلى دبي، حيث شاركتْ في تأسيس مركزSkills for Kids الموجود في دبي والمتخصّص في العمل مع الأطفال الذين يعانون من مشاكل في التّعلّم.

وتسنّت لموقع أزياء مود فرصة مقابلة هذه المرأة المذهلة لمعرفة المزيد عن نظرتها والنّشاطات التي ينظّمها المركز والمزيد من الأخبار.

ما الذي دفعكِ إلى إختيار علم النّفس كمهنة؟

لطالما أذهلني النّاس بشكلٍ عامّ، بالإضافة إلى طرقهم في التّعامل مع مواقف معيّنة في الحياة. كان هدفي فهم تعقيدات الحياة وأن أكون قادرة على مساعدة الأفراد على مواجهة هذه التّحدّيات، مهما كانتْ ظروفهم. لطالما إعتبرتُ نفسي شخصاً يجيد الإصغاء إلى الآخر وهذا يشكلّ أهمّ صفة في عالم النّفس النّاجح في عمله.

ما النّظرة التي تكمن وراء تأسيس مركز Skills for Kids؟

أمضيتُ أكثر من 5 سنين في العمل في الشّرق الأوسط مع الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصّة مع شريكتي كارن فانتيلبرغ، بالإضافة إلى 10 سنوات أمضيتها في أوروبا قبل ذلك. لقد لاحظنا أنّ معظم الأطفال كانوا يعالجون في جلساتٍ فرديّة ولم يكونوا ضمن جلسات جماعيّة، إذ إنّ كلّ طفل بحاجة إلى أن يكون مع غيره من الأطفال. فكّرنا في مكان يمكن أن نزوّد الأطفال فيه ببرنامج يوم تعليميّ شبيه بالجوّ المدرسيّ حيث يتمّ أيضاً تطوير المهارات الفرديّة لإنخراط مستقبليّ ومن هنا راودتنا فكرة تسمية المركز Skills for Kids.

من المهمّ جدّاً  أن يكبر الطّفل ويعاشر أطفالاً آخرين. ويزوّد مركز Skills for Kids الأطفال الذين ليسوا مستعدّين بعد لحضور المدرسة النّموذجيّة ببرنامج اليوم التّعليميّ لمساعدتهم على الإنخراط  في الصّف وفي المجتمع على صعيدٍ أوسع.

هلا تخبريننا المزيد عن النّشاطات التي يقوم بها مركز Skills for Kids ؟

يبدأ البرنامج في السّاعة 8:30 صباحاً ويستمرّ حتّى السّاعة 2:00 بعد الظّهر ويتضمّن نشاطات يقومون بها وهم جالسون على شكل دائرة ونشاطات أكاديميّة وتربية بدنيّة وموسيقى مثلاً، على غرار كلّ المدارس.

وتتميّز برامجنا بكونها مرتكزة على تقييم شامل لكلّ حاجات الطّفل وإستراتيجيّات التّصرّف والخطط التّعليميّة الفرديّة ذات الأهداف التي تمتدّ على المدى الطّويل أو القصير  يستند عليها المعالجون والمعلّمون والأهمّ من ذلك، الأهالي والمربيّات أيضاً. ونزوّد أيضاً الأهالي والمربيّات بدورات تمرين، فإذن لا يقتصر البرنامج على جوّ الصفّ بل يمكن متابعته في المنزل أيضًا. من المهمّ جدّاً أن يتّسم طلاّبنا بمهاراتٍ عامّة وأن يبنوا الثّقة في النّفس وأنّ يتّسموا بالإستقلاليّة. ويمكن الوصول إلى ذلك عندما يكون كلّ الأفراد الذي يعاشرهم الطّفل على الصّعيد اليوميّ منضمّين إلى البرنامج.

لدى تأمّلنا مسيرتكِ المهنيّة، نلاحظ أنّ الأطفال يحتلّون أكبر جزء من إهتماماتكِ. ما الذي دفعكِ إلى إتّخاذ هذا الإتّجاه؟

يتميّز الأطفال بتطوّرهم الدّائم. فإذن، إنّ عنصري الأمل وإمكانيّة التّغيير واردتين دائماً. ويكون العمل مع الأطفال مثمراً جدّاً. لطالما أقلقني موضوع مهارات الأطفال الحياتيّة ولطالما آمنتُ بأنّه بإمكاننا مساعدة الأطفال ذوو الإحتياجات الخاصّة وأنّه من واجبنا مساعدتهم ليتغلّبوا على الصّعوبات ولينخرطوا أكثر في مجتمعنا.

فمن حقّ الاطفال كلّهم أن ينخرطوا في المجتمع. وإذا لم يكن إنضمام الطّفل الفوريّ إلى مدرسة نموذجيّة ممكناً، يمكن أن يتمّ الأمر في موقعٍ مختلف. فيمكنهم الإجتماع بأهاليهم على طاولة غداء في مطعمٍ معيّن أو قضاء فترة بعد الظّهر على الشّاطئ أو الذّهاب إلى المجمّع التّجاري وهذا بمثابة خطوة ناجحة جدّاً في ما يختصّ بانخراطهم في المجتمع. 

ما هي العوامل التي تؤثّر على ثقة الطّفل في نفسه وكيف يمكننا تعزيزها؟

إنّ الثّقة في النّفس هي عندما يكون الطّفل واثقًا في نفسه ويكون محبوباً في الوقت عينه. تنعدم ثقة الطّفل في نفسه عندما يشعر هذا الأخير بالسّعادة لإنجازه أمراً معيّناً ولكنّه لا يشعر بأنّه محبوب. ويمكن أن تنعدم ثقة الطّفل في نفسه أيضاً عندما يشعر بأنّه محبوب ولكنّه يكون متردّداً حيال قدراته.

  • كوني متنبّهة للكلمات التّي تنطقين بها. يمكن للأطفال أن يكونوا حسّاسين جدّاً حيال ما يقوله الوالدين والآخرين.
  • كوني قدوة لهم. غذّي ثقتك في نفسكِ فتكونين مثالاً عالياً يتمثّلون به.
  • ميّزي وأعيدي توجيه المعتقدات غير الدّقيقة. تساهمين من خلال مساعدة أطفالكِ على الإيمان بمعايير واقعيّة أكثر وأن يكونوا واقعيّين أكثر في تقييمهم أنفسهم ذلك على أن تكون لهم صورة واقعيّة صحّية عن نفسهم.
  • كوني عفويّة وحنونة. تعزّز محبّتكِ لطفلكِ ثقته في نفسه. أحضنيه وأعلميه كم أنتِ فخورة به عندما ترينه يبذل جهوداً لإنجاز أمرٍ معيّن أو يحاول القيام بعمل قد فشل في القيام به قبلاً.
  • عبّري عن آراء إيجابيّة وواقعيّة. فبهذه الطّريقة تتقبّلين مشاعر طفلكِ وتكافئينه على الخيار الذي إتّخذه وتشجّعينه على القيام بالخيار الصّحيح مجدّداً في المرّة المقبلة.

كيف نعوّض عن تغيّر الأجواء المحيطة بالطّفل والتي تؤثّر عليه عند الإنتقال من بلدٍ إلى آخر؟

يمكن أن تكون تجربة الإنتقال من بلدٍ إلى آخر صعبة ومجهدة بالنّسبة للأطفال. من المهمّ جدّاً الإبقاء على الرّوتين اليوميّ نفسه لطمأنة الطّفل. ومن المهمّ أيضاً أن تفسّري له أسباب الإنتقال (من خلال إستخدام القصص الإجتماعيّة أو رسمات أو فيديوهات معيّنة) وأذكري أو صفي ما يمكن أن يتوقّعه الطّفل.

ما هي متطلّبات العمل مع الأطفال ذوو الإحتياجات الخاصّة؟

يجب أن يكون الشّخص حائزاً على شهادة في علم النّفس أو العمل الإجتماعيّ أو التّربيّة المتخصّصة. أمّا في ما يختصّ بالصّفات الإنسانيّة، يجب أن يتّسم هذا الشّخص بالطّبع الصّبور والطّاقة الإيجابيّة وأن يكون متعاطفاً ومتفاهماً. يجب أن يمتلك أيضاً القدرة على طمأنة الأهالي وبناء علاقة ثقة مع الطّفل.

ما هي الأمور التي تقلق الأهالي بشكلٍ عامّ؟ وما هي أكثر الأسئلة التي يتمّ طرحها وأكثر الأمور المثيرة للقلق؟

يقلق الأهالي بشكلٍ عام عندما لا يعبّر طفلهم بالكلام. من المهمّ جدّاً بالنّسبة للأهالي أن يستطيع أطفالهم تطوير مهاراتهم اللّغويّة التّعبيريّة.

سؤال آخر يطرحه الأهالي غالباً ألا وهو إذا كان بالإمكان معالجة أطفالهم. لا يمكن معالجة هذا النّوع من المشاكل ولكن يمكننا تخفيف حدّة أعراضها من خلال المعالجة اليوميّة وتطوير حسّ الإستقلاليّة والمهارات الحياتيّة اليوميّة والمهارات الإجتماعيّة. من المهمّ جدّاً تقبّل مرض التّوحّد ومساعدة الأفراد المصابين به على الإنخراط في كلّ جوانب المجتمع.

وغالباً ما يؤجّل الوالدين موعد بدء المعالجة، ولكن تشير الأبحاث المكثّفة إلى أهميّة التّدخّل المبكر في تطوّر الطّفل. عند ملاحظة مواجهة الطّفل لصعوبات في اللّغة أو المهارات الإجتماعيّة، أنصح بالقيام بتقييم شامل لحالته إبتداءً من عمر السّنتين أو السّنتين والنّصف.

كيف يكون جدول أعمال اليوم الإعتياديّ في المركز؟

نفتح المركز عند 8 صباحاً ويأتي الأطفال المنضمّون إلى البرنامج عند السّاعة 8:30 صباحاً. نقوم بالتّرحيب بكلّ طفل ونرافقهم إلى الصّف. ويتبع المعلّمون والمعالجون جدول الأعمال اليوميّ (مثلاً وقت النّشاطات التي تتمّ وهم جالسون على شكل دائرة  والنّشاطات الأكاديميّة والموسيقى ووقت تناول الوجبات الخفيفة والإهتمام بالحديقة والتّربيّة البدنيّة).

وكلّ أسبوع، نبدع برنامجاً جديداً يتضمّن موضوعاً نتناوله كلّ الأسبوع ومواعيد الرّحلات، إلخ. ونقوم بتقييم وعرض خطط التّعليم الفرديّة للأطفال.

نقوم بتنظيم إجتماعات يلتقي فيها الوالدين بالمعلّمين لإعطائهم معلومات حول الأمور التي نرتكز عليها في الصّف وكيف يمكنهم تعميم هذه المهارات في المنزل. ونعلمهم أيضاً بتقدّم طفلهم. يحبّ الأهالي معرفة أنّ أطفالهم يقضون وقتهم خارج المنزل ومن خلال مشاركة هذه اللّحظات، يشعرون بالإطمئنان والفخر بإنجازات أطفالهم.

نؤمن كثيراً بأهميّة الإصغاء إلى الوالدين ومعرفة كيفية التّعامل مع مصادر القلق الذي يمكن أن تشغلهم.

ويعالج كلّ من أخصّائي النّطق التّابع للمركز ومعالجي مشاكل السّلوك والمعالج المهنيّ الأطفال الذين يحضرون برنامج الصّف المدرسيّ، إلى جانب الأطفال الذين يحضرون الصّف في مدرسة نموذجيّة ولكن يحتاجون إلى الدّعم الإضافيّ. 

ما هي مشاريعكم المستقبليّة؟

تعتبر فكرة مركز Skills for Kids جديدة بالنّسبة للمنطقة. البرنامج بحدّ ذاته إبتكاريّ ويزوّد الأطفال بإطار مناسب للإنخراط. إنّنا نتحرّق شوقاً لأن يستفيد عدد أكبر من الأطفال من برنامجٍ كهذا في شكله الحاليّ وأيضاً في المدارس النّموذجيّة، بالإضافة إلى المجتمع في دبي وفي الإمارات الأخرى.

 

ميرلّا حدّاد



شارك المقال