أسلوب حياة

مفهوم الجمال الجديد يتجسّد في القوّة الجسديّة

تشكّل جملة "مفهوم الجمال الجديد يتجسّد في القوّة الجسديّة" عبارة سمعناها كثيراً مؤخّراً وبصفتي أمرّن النّساء وأعمل معهنّ، أؤّكد لكِ أنّ الأمر صحيح كلّيّاً. سؤالان يطرحان نفسهما في هذه الحالة: 1- هل الفنون القتاليّة مخصّصة حصراً للرّجال أو يمكن للنّساء المشاركة أيضاً؟ 2- هل تفقد النّساء أنوثتهنّ عند إعتمادهنّ قفّازات القتال؟

أوّلاً، لنفسّر مفهوم الملاكمة الصّينيّة: إنّها شكل من أشكال الفنون القتاليّة يتخلّله كلّ من الملاكمة والرّكل ووضعيّة الإسقاط. يقاتل الخصمان بعضهما على حلبة قتال وعلى جولتين مدّة كلّ منهما دقيقتين. أمّا الفائز، فهو الشّخص الذي يحرز أكبر عدد نقاط (إرتكازاً على نظام نقاط معيّن) أو يُسقط خصمه. على المقاتل الصّينيّ أن يتّسم بالسّرعة والقوّة والمرونة وخفّة الحركة وبالطّبع، الخبرة في القتال وليستْ هذه الصّفات القتاليّة حكراً على جنسٍ معيّن من دون غيره، ما يخوّل المرأة أيضاً أن تقاتل على الحلبة. ويعتبر هذا النّوع من القتال آمناً جدّاً، إذ يرتدي المقاتلون عدّة حماية كاملة. وتتضمّن هذه الأخيرة كلّ من القفّازات وحامي الصّدر وحامي الأربيّة وحامي الفكّ، إلى جانب كلّ من الخوذة وحامي الفم وطبعاً، القفّازات (مخصّصة لوزن 10 أونصات وأكثر).

أمّا على مستوى الممارسة غير المحترفة، فتعتبر الملاكمة الصّينيّة طريقة رائعة لتشترك النّساء في نشاطات تساعد على المحافظة على صحّة الجسم من دون الإلتجاء إلى تمارين روتينيّة مملّة في النّادي الرّياضيّ، إذ يزيد القتال مستويات الأدرينالين في الجسم، فيتمرّن الفرد لساعة كاملة من دون أن يشعر بالتّعب أو الألم. وسرعان ما تصبح الملاكمة الصّينيّة جزء من تمارينكِ الرّياضيّة المنتظمة، حتّى تلاحظين إرتفاعاً في نسبة الأدرينالين فيصبح الأمر بمثابة إدمان يطلبه جسمكِ فتتمرّنين حتّى في الأيّام التي تشعرين فيها بالكسل. وبالنّسبة للنّساء اللّواتي يرغبنَ في ممارسة الملاكمة الصّينيّة بهدف الإستمتاع والتّمرين، يمكن لهؤلاء التّدرّب وتطبيق الحركات كلّها على كيس ملاكمة أو قطعة مبطّنة مخصّصة لتلقّي الضّربات من دون أيّ إتصّال جسديّ مع أحد. فسيزوّدكِ هذا النّوع من التّدريب بفوائد الفنون القتاليّة من دون تجربة المقاتلة الفعليّة.

ويتّسم ممارسو الفنون القتاليّة بالشّخصيّة المسالِمة والثّقة في النّفس. وإستناداً إلى تجربتي الشّخصيّة بصفتي بطل عالميّ في مجال الملاكمة الصّينيّة، عندما أتواجد على حلبة قتال، تظهر عليّ ملامح العدوانيّة وسرعة الغضب ولكن عندما يرنّ الجرس، أحيّي خصمي وأعبّر له عن إحترامي لشجاعته على الوقوف على الحلبة والقتال. وتقوم زميلاتي النّساء بالأمر نفسه أيضاً. هذا يعني أن شخصيّة المقاتل على الحلبة مختلفة كلّيّاً عن شخصيّته خارجها. فإلى كلّ اللّذين يعتبرون المرأة التي تعتمد قفّازات القتال مجرّدة من أنوثتها، أقول لكم أنّكم مخطئون جدّاً. فتكتسب هؤلاء النّساء ثقة في النّفس نادرة جدّاً، تظهر واضحة جدّاً في طريقة التّعامل والمشي والتّكلّم والإطلالات التي يعتمدنها. ولا ينطبق هذا الكلام على النّساء اللّواتي أمرّنهنّ فحسب، بل أيضاً على شقيقتيّ المقاتلتين المحترفتين اللّتين أرى فيهما صفات الأنوثة على صعيد يوميّ. أوّلهما بعمر الإثنين والعشرين، تعمل في شركة وتعتمد أحذية عالية الكعب وفساتين في مكان عملها على صعيد يوميّ. أمّا الثّانية، فتبلغ السّادسة عشر من عمرها، وبالإضافة إلى كونها مقاتلة محترفة، ترقص هذه الأخيرة الباليه.

بالمختصر، يمكن تطبيق الملاكمة الصّينيّة أو أيّ نوع من الفنون القتاليّة بطريقة آمنة جدّاً، كما أنّها مثاليّة للنّساء، إذ تزوّدهنّ بفوائد لا متناهية على الصّعيد الجسديّ والمعنويّ. أمّا الشّق الأهمّ من هذا الموضوع، فهو أنّ الفنون القتاليّة لا تجرّد المرأة من أنوثتها؛ على العكس، إنّها تزيد ثقتها في نفسها وإحترامها لذاتها، إلى جانب تزويدها بأدوات للدّفاع عن نفسها ضدّ أيّ أحد يحاول إيذاءها جسديّاً. إذاً أيّتها السّيّدات، إعتمدنَ القفّازات وإستعدّنّ للقتال!

 

فرانسوا الرّاسي



شارك المقال